الكأس المقدسة

 

الكأس المقدسة تعتبر الكأس التي شرب منها المسيح في العشاء الأخير وتلك التي استخدمها يوسف الرامي ليجمع دم المسيح أناء دفنه ثم أخذها إلى بريطانيا حيث أوجد سلسلة من الحراس لحمايتها. و يُعتقد أنّ اسمها باللغة الانجليزية مشتق من الأصل اللاتيني الذي يعني الطبق المستخدم لتناول وجبة الطعام.

استنادا إلى التقليد، أخذ القديس بطرس كأس العشاء الأخير إلى روما وأصبحت كأس البابوات. ولهذا السبب فإنّ صلاة التقدمة في القداس الإلهي اللاتيني تشير إلى " هذه الكأس المبجلّة" وليس كما في الصلاة الأصلية التي تشير إلى " هذه الكأس". في عام 258 م، أثناء اضطهاد المسيحيين و مصادرة كنوز الكنيسة ، بعد قتل البابا سيكستوس الثاني، تمكّن شماس الكنيسة الإسباني الشاب من إرسال هذه الذخيرة الثمينة إلى منزل عائلته في هويسكا/ إسبانيا لحمايتها. وبعد ثلاثة أيام عُذب من قِبل الامبراطور فاليريان ومات على الحديد المحمّى.

 الكأس المقدسة ( واسمها باللغة الإسبانية القديمة يعني الكأس التي لها شكل الهاون) كُرِّمت في هويسكا حتى اجتاح المسلمون البربر إسبانيا عام 713م. وخُبأت الكأس في كهف جبلي في البيرينيه، ونُقِلت إلى عدة كنائس وأحضِرت في النهاية إلى الدير المحصّن في سان خوان دي لا بينا في أعلى الكامينو وهو طريق الحج إلى سنتياغو دي كومبوستيلا .

خلال حرب الإسبان ضد البربر، أمر الملك المسيحي ألفونسو الثاني الشاعر الغنائي غيوت دي بروفينس أن يكتب لأول مرة "قصة الكأس المقدسة". وبوضعها في قالب الأدب الآرثري، كانت مهمة غيوت إلهام الفرسان المسيحيين أن يقتدوا بمثال أعظم الفرسان و أن يذهبوا "في طلب الكأس المقدسة" وأن يخدموا في الحروب الإسبانية. وقد منحهم الحبر الأعظم نفس البركات التي مُنِحت للفرسان الذين ذهبوا إلى الأراضي المقدسة وأعلن الحرب الإسبانية ضد البربر المسلمين رسميا حملة صليبية.

في عام 1399م أمر الملك مارتن إل هومانو أن يتم نقل الذخيرة الثمينة، والتي أصبحت رمزا وطنيا، إلى قصره الملكي في سرقسطة. منذ عام 1437م تُكرّم كأس العشاء الأخير لربنا يسوع المسيح " الكأس المقدسة" الأسطورية في كاتدراتية فالينسيا، إسبانيا.

في عام 1959م تم الاعتراف بتكريمها رسميا كذخيرة أصلية من قِبل البابا الطوباوي يوحنا الثالث والعشرون.

 وفي 8 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1982م قام البابا يوحنا بولس الثاني خلال زيارته إلى إسبانيا بتكريم الكأس المقدسة واستخدمها خلال الاحتفال بالذبيحة الإلهية، مؤكدا أصالتها مرة أخرى.

تتألف الكأس المقدسة من ثلاثة أجزاء: الكأس الأصلية، وهي كوب مصنوع من عقيق رفيع نصف شفاف ( يعطيها نمطها مظهر شعلات اللهب تحت الضوء المباشر) معروفة من قِبل علماء الآثار ومؤرخي الفن بكونها عمل سوري من القرن الأول أو الثاني قبل الميلاد ( لكونها من النمط الهّلني)، وكوب بيضوي الشكل من خلقدونية يحمل نقشا غريبا، هو غالبا الطبق المقدس الأصلي، وهو وعاء الخبز المستخدم في العشاء الأخير، وإضافة من القرن الثاني عشر وهو تصميم ذهبي يحمل الوعاءين معا ويعطيها شكل الكأس المقدسة (حيث كانت الأكواب في زمن المسيح تستخدم فعلا من أجل النبيذ)، مرصعة بثمانية و عشرين لؤلؤة ( إحداها مفقودة)، حجرين من الياقوت الملوّن وحجرين من الزمرّد ويبلغ ارتفاع الإناء بأكمله 17 سم أو 7 إنشات.

هذه نسخة مطابقة دقيقة ومفصلة من الكأس المقدسة بحجم يعادل 60% من الكأس الأصلية حيث يبلغ ارتفاعها 10 سم أو4 إنشات أصدِر منها رسميا عدد محدود من قِبل كهنة كاتدرائية فالنسيا. وعلى الرغم من أنّها بالطبع ليست من الحجر و الذهب لكنّها نسخة عالية الدقة والتفصيل، فمثلا كل لؤلؤة صغيرة مثبتة يدويا. ولكونها كانت مرتبطة بالأصلية فهي تعدّ ذخيرة من الدرجة الثانية وهي في الحقيقة كنز روحي، تُمثّل العطيّة الأصلية وهي القربان المقدس في ليلة العشاء الأخير في عليّة جبل صهيون في القدس.