سيدة نوك

ايرلندا، 1879

يوم الجمعة: 21 أغسطس

تقع مقاطعة مايو في غرب ايرلندا، وقد عانت من محنة عظيمة في فترة 1870. حيث حدثت اضطرابات اقتصادية ومجاعات أدّت الى هجرة العديد من الإيرلنديّين. وفي تلك الظروف بعث الله أمه مرّة أخرى لزيارة أطفاله المظلومين.
وقع هذا الظهور في نوك في الواحد والعشرين من أغسطس من عام 1879، أي بعد ثمانية أعوام من ظهور العذراء في بونتمان في عام 1871. وبدا أن الظهورين متشابهين بشكل واضح، حيث أن كليهما قد حدثا في المساء وداما مدة ثلاث ساعات أو ما الى ذلك كما لم تُنطق أية كلمة في هذين الظهورين.

وفي مساء الخميس الموافق 21 من أغسطس عام 1879، كانت هناك امرأتان وهما ماري ماكلوغلين وماري بيرن من قرية نوك الصغيرة، تسيران تحت المطر راجعتين الى بيتهما مروراً من خلف الكنيسة. وهناك أمام جدار الكنيسة وقفت السيدة العذراء مريم، والقديس يوسف، والقديس جون المبشّر، وظهر مذبح وُضع عليه حمل وصليب. وكانت الملائكة تطير حول المذبح. نادت المرأتان أشخاصاً عدّة للمجيء الى الكنيسة. فرأوا هذا الظهور بأمّ أعينهم. وما رأته المرأتان مع الثلاثين شخصاً في ذلك اليوم، كان سيّدة جميلة ترتدي ثوباً أبيض وتاجاً لامعاً. وكانت يداها مرفوعتان كما في وضعية الصلاة. وكلّ من شاهد هذه المرأة عرف أنها مريم العذراء المقدّسة، والدة يسوع وملكة الملائكة. كما وصرّح القرويّون الذين لم يكونوا في مكان وقوع الظهور أنّهم شاهدوا ضوءاً مشرقاً يحيط بتلك المساحة حيث تقع الكنيسة. وفي تقارير لاحقة دوّنت شفاءات لا يمكن تفسيرها صاحبت الزيارة التي تمّت من قبل القديسين الى الكنيسة في نوك.

استجابت الكنيسة لسلسلة الأحداث هذه بصورة نموذجيّة. ووُضعت عمولة لجمع شهادات من رأوا ذلك الظهور وتمّ الاحتفاظ بالسجلات التي دوّنت فيها الشفاءات التي حدثت حتى عام 1936. وفي ذلك الوقت، أجاز غيلمارتن، رئيس أساقفة أبرشيّة تيام، نشر كتيّب يدعم الظهور الذي حدث في نوك. ومع الوقت نالت نوك تدريجياً الدعم الرسمي من الكنيسة الذي كلّل بالزيارة البابويّة في عام 1979. أما المعنى الرمزيّ للحمل، والصليب والمذبح فهو الموت القربانيّ للمسيح والقدّاس، وقد شوهدوا وراء القديسة مريم في الظهور الذي حدث في نوك، حيث كان التركيز موجّهاً عليها وعلى دورها كوسيطة. كما كان هذا الظهور مختلفاً عن غيره من الظهورات التي ووفق عليها. الاختلاف الأول هو عدد الأشخاص الذين ظهروا، فعادةً تظهر مريم فقط. أما الاختلاف الثاني هو النقص في الرسائل الشفهيّة. ففي الظهورات الأخرى كافةً ظهرت مريم حاملةً تحذيراً أو طلباً من الناس. والاختلاف الثالث هو العدد الكبير الذي شاهد هذا الظهور. وأخيراً، كان الظهور وجيزاً وحدث مرةً واحدة فقط لمدة ساعتين. وعادةً ما تكون هذه الزيارات متعددة. وتلك الاختلافات دعت البعض للشك أن الحدوث قد حصل فعلاً.

 ومع انتشار الأخبار، توافد الآلاف من الحجاج السقماء الى نوك. وسجّلت حالات شفاء غير اعتيادية كثيرة. وقد ترك الأشخاص الذين شُفيوا عكّازاتهم وعِصيّهم في الموقع، وحاولوا نزع الجص والقليل من سمنت الجدار الذي تمّ الظهور أمامه كذخيرة في عام 1879 و1880. وفي خريف عام 1880، نُصب تمثالٌ للسيدة العذراء في المكان الذي ظهرت فيه. وقد أصبح هذا المكان مركزاً لتوافد الحجّاج: حيث يشق ما يقارت المليون ونصف زائر طريقه الى هناك سنوياً.

إن هذه المباركة التي حلّت على ايرلندا كانت متوقّعة، نظراً لإقامة الصلاة دوماً لمريم العذراء في تلك البقعة. وقد بُجّل القديس يوسف والقديس جون المبشّر وأحسّ الايرلنديون بتلك المحبّة: إن ظهور نوك لهو علامة عن ذلك الحب. ولطالما فهم الايرلنديون أنه لا يوجد شيء إلهي بالنسبة الى السيدة العذراء فهي ليست الإله. إن مريم العذراء المقدّسة هي إنسانة، وأخت للبشريّة إضافة الى كونها أمّ. لكنها والدة يسوع المسيح الإلهي والإنسان أيضاً. ولذلك فإنّ مريم هي والدة الله. ولا تملك طاقةً خاصة بها لكنها ستكون دائماً والدة أكثر الأشخاص الأقوياء الذين ساروا على هذه الأرض. ومريم العذراء الآن في السماء مع ابنها. وأحياناً تأتي الى الأرض كرسولة سماوية، مبعوثة من قبله وتظهر للناس. حينما تتحدّث العذراء مريم لا تجلب رسالة جديدة غير مذكورة ضمن التعاليم الكتابيّة للمسيح. كما أنها تقدّم لنا ابنها وتدعونا الى التوبة والرجوع الى الله والحزن من أجل الخطية.

 تحرّت الكنيسة رسمياً عن الظهور في نوك في عام 1879، ومرة أخرى في عام 1936. وقد وجدوا أن كلّ من شهد كان صادقاً ولا يوجد هناك تناقض فيما قاله مع الإيمان. وقد كرّم أربع بابوات نوك. فكرّم البابا بيوس الثاني عشر اسم نوك في سان بيتر وزيّنه بميدالية مميزة في يوم جميع القديسين، 1945. وفي السنة المريمية، أعلن البابا عن عيد جديد وهو عيد ملكيّة مريم. أمّا البابا جون الثالث والعشرين فقد قدّم شمعةً مميّزة لنوك في عيد تطهير مريم العذراء في عام 1960. ولطالما اعتبر نوك كواحدة من المقامات البارزة المكرّسة لمريم العذراء. أمّا البابا بول السادس فقد بجّل حجر الأساس لكاتدرائية السيدة العذراء، ملكة ايرلندا في السادس من يونيو عام 1974. ووجّه السقماء وطاقم التمريض، وأقام القداس، وأسس مقام الكنيسة ككاتدرائية وقدّم شمعة ووردة ذهبية لهذا المقام، وأخيراً ركع وصلى بجانب الجدار الذي تمّ عنده الظهور.

حصلت معجزات

 بعد عشرة أيام من الظهور، حدث الشفاء الأول. فتاة صغيرة ولدت صمّاء وقد مُنحت في ذلك اليوم نعمة السمع. وفي نهاية 1880 شُفي حوالي 300 شخص بشكل أعجوبيّ واضح. وقد سجّلت هذه الحالات في مفكّرة كاهن الأبرشيّة. وشهد أحد الحجّاج، الذي شُفي بفترة قصيرة بعد الظهور، أنه خلال سنوات عدّة شَهِدَ: "شفاء ما يقارب نصف دزينة من الحجاج في آن واحد، ورأى بأمّ عينه المقعدون يمشون، والعميان يبصرون، وحالات شفاء من ضمور البشرة". نرجو من مريم، والدة الله، امرأة الجلالة، منحنا القوة والشجاعة لنتحدى الشر ونضع أنفسنا في خدمة ابنها وملكوت عدالته ومحبته وسلامه. وأن نتلو دائماً:

"إلهى، افتح عيناي لأرى. واعطني القوّة لأستخدمها".

 

"ووفق على هذا الظهور بالكامل من قبل المحكمة البابويّة في عام 1936"

صلاة لسيدتنا سيدة نوك

سيدتنا سيدة نوك، ملكة إيرلندا
لقد أعطيتِ الناس الأمل في وقت الحزن
وواسيتهم في المحنة
وقد نفخت حياةً جديدة في العديد من الحجّاج
ليصلوا بثقة لابنك السماويّ،
مذكّرةً بوعده: "اطلبوا تعطَوا، ابحثوا تجدوا”.
ساعديني لأتذكّر أنّنا كلّنا حجّاج في طريقنا الى السماء.
املئيني بالمحبة والاهتمام بأخوتي وأخواتي في المسيح يسوع،
خاصةً الذين يعيشون معي.
ساعديني في مرضي أو وحدتي أو حزني.
علّميني كيف أشارك بشكل أكثر تبجيلاً في القدّاس المقدّس.
صلّي لأجلي الآن، وفي ساعة موتي.
آمين

 

انظر أيضًا المظهر التالي المعترف به رسمياً في فاطمة 1917