عيد الغطاس ، 6 يناير

 

عطلة ، 6 يناير

عيد الغطاس ، هو تذكار معموديّة يسوع في نهر الأردن على يديّ يوحنا المعمدان ، وفِي هذا اليوم الأغرّ نبارك الماء بركةً لبيوتنا ، وتذكاراً لمعموديتنا بالماء والرُّوح القُدُس .
أثناء اعتماد يسوع ظهر الله الواحد بثالوثه الأقدس : الآب والإبن والرُّوح القُدُس . وجاء صوتٌ الله من السماء يقول : ” انت ابنيَ الحبيب ، عنك رضيت “، والابن الحبيب يسوع المسيح يتعمّد ، والرُّوح القُدُس الذي نزل عليه في صورة جِسمٍ حمامة ( لوقا ٣ : ٢١ – ٢٢ ).
بين معمودية يسوع والظهور الإلهي الثالوثي يوجد رابط لاهوتي . فالظهور الإلهي إعلاناً لألوهية يسوع وقدسيته البريئة من أي خطيئة شخصية ، هو الذي مشى مع الخطأة لقبول معمودية يوحنا كعلامة للإقرار بحالة الخطيئة وللتوبة .
معمودية يسوع تذكّرنا بمعموديتنا، التي منها هويتنا المسيحية ورسالتنا.
الهوية : هي ولادتنا الروحيّة الثانية من الماء والروح ، وبواسطتها جُعلنا خلقاً جديداً ، إذ صوّرنا الروح القدس على شبه المسيح ، فدُعينا ” مسيحيين “. بهذه الولادة الجديدة أصبحنا أعضاء في جسد المسيح الذي هو الكنيسة ، وهذا يعني أنّ المسيح حاضر في الكنيسة والمجتمع من خلالنا، نحن أعضاء جسده الروحيّين ، ويواصل عمله الخلاصي بواسطتنا. كما تعني عضويتنا في جسد المسيح الإلتزام بالشركة في بُعدَيها : العمودي أي الاتّحاد مع الله بالمسيح ، والأفقي الوحدة بين جميع الناس . أمّا الرسالة فهي الشهادة لمحبة المسيح بالأفعال والمبادرات والمواقف .
عيد الغطاس والظهور الإلهيّ ، يدعونا إلى الإرتداد إلى الله ، وأن نعيش بسلام مع الله والذات ومع بعضنا البعض . ومن أجل أن نعيش الغفران والمصالحة في محيطنا الكنسي والاجتماعي، فنصبح هكذا أبناء الله بحكم المعمودية ومسحة الميرون ، وبالعيش في سلام مع الآخر مهما كان بتواضع وصبر ومحبة . وحدهم المتواضعون الودعاء ينعمون بوفرة السلام الذي لا يُسبر غوره ، كما نقرأ في المزمور ٣٧ : ١١. إنّ المسيح ، الذي دشّن بميلاده حالة الشركة ، قد أسّس الأخوّة الحقيقيّة بين الناس، التي تنبذ الانقسام والعداوة . كتب بولس الرسول : ” المسيح هو سلامنا، فقد جعل من الجماعتَين ، بعدما أحلّ السلام بينهما، إنساناً جديداً واحداً، وأصلح بينهما وبين الله إذ جعلهما جسداً واحداً بالصليب المُقدّس ، وبه قضى على العداوة ” (أفسس ٢: ١٤ – ١٦) .

إنّ يسوع المسيح ، ابن الله القدّوس ، المجهول من الناس في ألوهيته ، مشى مع الخطأة نحو يوحنا المعمدان في نهر الاردن ، ملتمساً معمودية التوبة ، وهو لم يرتكب أي خطيئة . لكنّه فعل ذلك لكي يتضامن مع الخطأة ويحمل خطاياهم ، ويتفهّمهم ، ويحاورهم حوار الحقيقة والمحبة ، من أجل أن يهديهم إلى نور الله الخلاصي ، وسيموت على الصليب فداءً عنهم وعن البشرية الخاطئة . فكان الحوار بين السماء والأرض، بين الله والبشر بالظهور الإلهي ، وكانت الدعوة إلى الحوار مع الله والناس .